القيام بالواجب

قم بالواجب نحو والديك, يقوما بالواجب نحوك. وبذلك تنال ما تتمناه من السعادة.

وقم بالواجب نحو أساتذتك - بأن تكون متخلق بالأخلاق الفاضلة, مكبا على الدرس باذلا الجهد في إيفاء الواجبات المدرسية - تكن أحب إليهم من أولادهم.

وقم بالواجب نحو أصدقائك - بأن تكون لهم عونا في الضراء وأنيسا في السراء وأن تموت لموتهم, وتحيا لحياتهم, وأن تأخذ بأيديهم إن عثروا, وتساعدهم إن أملقوا - يكونوا لك أعوانا في الشدائد, واعضادا في النوازل.

وقم بالواجب نحو أهلك - بأن تواسي فقراءهم, وتدفع الحاجة عن محاويجهم - يفدوك بأرواحهم, ويبذلوا ما عز وهان لرفع شأنك وإعلاء منزلتك.

وقم بالواجب نحو أولادك بأن تربيهم تربية حسنة, وتخلقهم بالأخلاق التي تجعلهم في درجات الرجال - يقوموا بواجبك, ويرفعوا من مقامك, ويكونوا لك خدما في شيخوختك يوم لا تجد من يخدمك سوى بضاعك المهذبين, الذين قمت بواجبهم في زمن نشأتهم.

وقم بالواجب نحو زوجك - بأن تعاملها, كما أمرتك الشريعة, بالإيناس والبشاشة واللين, وأن تأتيها بما تحتاج إليه, بلا إسراف ولا تقتير, وأن تهذب أخلاقها, وتعلمها ما وجب عليها - تكن لك أطوع من يمينك, وتقم بالواجب عليها نحوك, وتعش شريكة لك في السراء والضراء.

وقم بالواجب نحو تجارتك وصناعتك وسائر عملك - أن لا تكون غاشا, ولا خادعا, ولا مروجا لفاسد, ولا محبذا لعوار, ولا مادحا لمعيب - تر أفئدة الناس تهوي إليك, ويقبل القوم على ما لديك من تجارة أو صنلعة أو عمل. لأن الثقة أمر عظيم, ولا يوجدها إلا القيام بالواجب.

وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها نحو الشعب - بأن تحترم لغته, وآدابه, وعاداته, ومميزاته, وحقوقه الأدبية والقانونية, وسائر ما هو حق له - فإن فعلت ذلك اندفعت الأمة لنصرتها وشد أزرها. وأقدمت على القيام بما وجب عليها نحوها.

وقيام كل فريق - من الحكومة والأمة - بما يجب عليه نحو الآخر, هو السعادة, التي ما وراءها سعادة في هذه الحياة.

فعليك أيها الناشيء, بالقيام بالواجب, فإنه روح الوجود, وسر العمران, ورأس الأخلاق.

أنصف الناس من نفسك, ينصفوك من أنفسهم.

وقم بالواجب عليك نحو غيرك, ويقم بالواجب عليه نحوك.

- الشيخ مصطفى الغلاييني في كتابه "عظة الناشئين"